وأيضا فإن موضوع الكفالة على الخطر؛ بدليل أن تقديرها كأنه قال للكفيل: إذا رأيت مال الكفالة؛ فلك الرجوع علي، فإذا كان موضوعها وصفتها لما ذكرناه؛ لم يكن تعلقها بالشروط مما ينافيها.
فإن قيل: فإن الكفالة إثبات مال في الذمة بحكم العقد، فلم يجز أن يكون مجهولا، كالعوض في البيع.
قيل: عنه جوابان:
أحدهما: أنه فاسد بالنكاح أن مهر المثل يثبت في الذمة بالعقد وهو مجهول المقدار.
والجواب الآخر: هو أن الضمان من فعل المعروف، فهو كالعتق، والهبة، والوصية، وليس كذلك البيع؛ لأن المقصد منه المناجزة، والمكايسة، والمغابنة.
وأيضا فإن ضمان الدرك يتعلق بمقدار المستحق وهو مجهول.
وأيضا فإنه إيجاب حق في ذمته بغير معاوضة، فأشبه الإقرار بالحقوق، فجاز مع الجهالة.
فإن قيل: فإنه إثبات مال في الذمة؛ فوجب أن لا يجوز مجهولا، أصله الثمن المجهول، والمهر المجهول.
وأيضا فإنه ضمن حقا مجهولا؛ فوجب أن لا يجوز، أصله لو قال: ضمنت بعض ما علي لزيد، أو شيئا مما لك عليه.