للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: هو أن أفعال النبي الصادرة منه على وجه الشرع والدين لا تقع في الظاهر إلا على الوجه الصحيح والعلم به، ولا يقع على وجه الخطأ والذهاب عن معرفة حقيقة الأمر والصواب فيه، إلا أن يلجئه إلى ذلك حال يدل على جوازه، وإذا كان هذا واجبا؛ فمتى حملنا قول أبي قتادة: "هما علي" على ابتداء الضمان لا الإخبار عن لزوم ذلك؛ حملنا امتناع النبي من الصلاة عليه على وجه الصواب، لأنه امتنع من الصلاة على من عليه دين ولا وفاء له، ولا ما يجري مجرى الوفاء، وهو الضمان، وذلك كان عادته.

وإذا حملنا قوله: "هما علي" على الإخبار عن لزوم الدين له؛ كان امتناعه من الصلاة مخالفا لعادته، وخارجا عنها وعما شرعه، لأنه امتنع من الصلاة عمن عليه دين ولا وفاء له، لكن ذلك مضمون، وكان لا يمتنع من الصلاة على من هذه سبيله، فحمل امتناعه من الصلاة على وجه الصواب؛ أولى من حمله [على] (١) الخطأ، واعتقاد كون الأمر على خلاف ما كان عليه، لأنه إنما يسوغ للمخالف ما قاله إذا صار إلى النبي [اعتقاد] (٢) أن الدين ليس بمضمون، وذلك اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به (٣).

والثالث: هو أن النبي لم يستفصل ويسأل أبا قتادة: هل ضمنتها عنه في حياته أو بعد وفاته؟ كما لم يسأل: هل تركه أو لا؟ فعلم أن الحكم


(١) ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٢) في الأصل: اعتقد.
(٣) "قلنا: النبي لم يطلع على الغيب، فإذا امتنع من الصلاة لأنه لا تركة له ولا ضامن في الظاهر، فقد عمل ما وجب عليه، فإذا كان الأمر في الباطن بخلاف ذلك ففعله في الظاهر صواب، وليس بخطأ". التجريد (٦/ ٢٠٠٩).
قلت: وفي هذا الجواب نظر ظاهر. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>