للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضمنه عنه رجل ولم يخلف وفاء؛ لم يسقط الدين عن ذمة الضامن (١)، ولو كان قد سقط بموت من عليه الدين عن ذمته؛ سقط عن الضامن؛ لأنه هو الأصل، والضامن فرع له، وإذا سقط الدين عن الأصل؛ سقط عن الفرع، ألا ترى أنه لو سقط الدين عنه في حياته بالإبراء والأداء؛ سقط عن الضامن، ولما تقرر أن الدين لا يسقط عن ذمة الضامن؛ ثبت أنه لم يسقط عن ذمة المضمون عنه بالموت، ولأنه لو سقط الدين عن ذمته بالموت؛ لوجب إذا مات وخلف وفاء ثم أبرأ صاحب الدين من دينه أن لا يسقط الدين عن التركة؛ لأن الدين قد تحول عن الذمة إلى التركة، فالإبراء صادف محلا لا دين متعلقا به، فلم يعمل في سقوطه عن المحل الذي تعلق به، ألا ترى أنه إذا أجنى جناية، تعلق أرشها برقبته، فإبراء المجنى عليه السيد من الأرش؛ لم يسقط ذلك، لأن العفو صادف محلا ليس الأرش متعلقا به، وإنما الأرش متعلقا برقبة العبد، فلما ثبت وتقرر أنه مات وخلف تركة فأبرأ صاحب الحق الميت من دينه؛ سقط دينه.

على أن الدين لم يسقط عن الذمة بالموت (٢).

فإن بنوا المسألة على أن الدين يسقط بالموت إذا لم يخلف وفاء؛ فإن هذا الكلام كلام عليه.


(١) "إذا كان له كفيل فالدين له محل يتعلق به، وهو ذمة الكفيل، فصار ذلك كالتركة في تعلق الدين بها" التجريد (٦/ ٣٠٠٥ - ٣٣٠٦).
(٢) وهو مذهب الشافعي أيضا، انظر الحاوي الكبير (٦/ ٤٥٤) وعند أبي حنيفة يسقط بالموت؛ لأن الدين لا يثبت إلا في محل، إما في ذمة أو عين، وليس هاهنا عين مال يتعلق الدين بها، والذمة قد بطلت بالموت؛ لأن الذمة عبارة عن التزام الشيء، والموت ينافي الالتزام. التجريد (٦/ ٣٠٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>