وأيضا فإن الحضور مستحق على المدعى عليه، بدليل أن عليه الحضور بنفسه، أو أن ينقل ذلك إلى غيره برضا خصمه وبغير رضاه، وإذا كان الحضور مستحقا عليه؛ جاز أن يتعلق ذلك بالعين منه، ألا ترى ترى أن من ادعى رقبة عبد لزمه الحضور لتقام البينة عليه، ويلزم الغير إحضاره وهو المولى، ولا يلزم على هذا الحدود وأن الحضور مستحق على المدعى عليه الحد وإن لم يجز أن يلزم العين إحضاره بالكفالة؛ لأن الاستعداء لا يقع في الحدود، وهو مأمور بالستر على نفسه، فلم يجز أن يقال: إن الحضور مستحق عليه.
وأيضا فإن الكفالة بإحضار المدعى عليه يؤثر في المال الذي يدعيه؛ بدليل أنه يتوصل إلى إقامة الشهادة عليه به واستيفائه، فأشبه الكفالة بالمال المدعى.
وأيضا فإن الإجارة جائزة، وهي عقد على عين يستوفي الحق منها، فكذلك أن يجب تكون كفالة الوجه جائزة وإن كان العقد على عين تستوفي الحق منها.
وأيضا فإن ضمان ما في الذمة جائز؛ لأن فيه رفقا للمضمون عنه؛ لأنه يتمكن بضمان الضامن من التخلص من ملازمة [غريمه](١) من التصرف والاحتيال في تحصيل الحق، وفيه أيضا رفق للمضمون له لأنه يستوثق من حقه، وهذا المعنى موجود في كفالة البدن؛ لأنه يحصل بها رفق للمكفول له والمكفول به على الوجه الذي ذكرناه، فوجب أن تكون الكفالة جائزة.
(١) في الأصل: عيبه، وهو تحريف. وفي الحاوي الكبير (٦/ ٤٦٣) عبارة توضح المراد حيث قال: "فيها من الرفق والتوسعة، وهو أن يرتفق المكفول به في الإطلاق ليسهل عليه طلب الحق".