للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفاوضة وإن كان فيها عمل ومال، ويكون الربح في خاصة كل واحد منهما، لأننا قد بينا أن الربح قد يقابل كل واحد من الأمرين (١).

فإن قيل: فقد نهى النبي عن الغرر (٢) وشركة المفاوضة فيها غرر عظيم؛ لأنها تتضمن أن ما لزم أحدهما من مال بغصب، أو إتلاف، أو سرقة، أو ضمان؛ لزم الآخر ما يلزمه، وهذا غرر.

قيل: هذا لا يلزمنا نحن (٣)؛ لأننا لا نلزم من الضمان إلا ما تعلق بالشركة، فأما الذي ضمن عن أجنبي شيئا أو غير ذلك مما لا يوجد في الشركة؛ لم يلزم.

على أن الخبر هو نهيه عن بيع الغرر، وكلامنا في الشركة (٤).

وعلى أن الغرر ما الغالب منه أنه لا يسلم، والغالب من الشركة السلامة.

فإن قيل: فإن مقدار ما يلزم كل واحد منهما من ذلك غير معلوم، وقد يلزمه، درهم، وقد يلزمه مائة ألف درهم.

قيل: عن هذا جوابان:


(١) أجاب الماوردي بأنه يصح إذا انفرد كل واحد منهما بعقد، فأما إذا اجتمعا في عقد واحد فلا، وهاهنا قد اجتمعا في عقد واحد فبطل الحاوي الكبير (٦/ ٤٧٦).
(٢) أخرجه مسلم (٤/ ١٥١٣) بلفظ: "نهى عن بيع الغرر"، وذكر الماوردي أنه ورد النهي عن بيع الغرر، وروي: عن عقد الغرر، وروي: عن الغرر. رواه ابن المسيب تارة مرسلا وتارة عن أبي هريرة مسندا، وقد رواه يحيى بن أبي كثير عن عطاء عن ابن عباس أيضا. الحاوي (٥/ ٣٢٥).
قلت: ولم أجده في شيء من كتب الحديث إلا باللفظ الأول. والله أعلم.
(٣) وإنما يلزم أبا حنيفة وأصحابه القائلين بذلك.
(٤) يجاب عنه بما سيذكره المصنف فيما بعد أنه ورد النهي عن الغرر دون تقييد بالبيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>