للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أننا قد بينا قبل هذا أن ضمان المجهول يجوز، وأما ما يلزم بالضمان؛ فإنه إذا كان في شيء للشركة؛ جاز؛ لأن العوض يحصل لهما، فالضمان عليهما.

فإن قيل: فقد قال : "ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ﷿، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" (١).

وهذه الشروط ليست في كتاب الله.

قيل: إن جواز المفاوضة قد تضمنه قوله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ (٢)، فهي في كتاب الله تعالى، فمن زعم أنه ليس فيه؛ فعليه أن يبين.

وأيضا فإن المفاوضة عقد ولا تسمى شرطا.

فإن قيل: فإنهما عقدا شركة على أن يشارك كل واحد منهما صاحبه فيما يلزمه بغير إذنه، فوجب أن تكون فاسدة، أصله لو اشتركا على أن يضمن كل واحد منهما ما لزم الآخر من أرش جناية، أو مهر، وذلك أن شركة المفاوضة تتضمن ما يلزم أحدهما من ضمان مال الغاصب، (١١٧) وضمان لزوم الآخر ليس فيه إذن من مال واحد منهما لصاحبه بالغصب والضمان.

قيل: أما ضمان الغصب؛ فلا يلزم الآخر شيء، وأما ضمان ما ابتاعه لأجل الشركة؛ فالمفاوضة تقتضي إذن كل واحد منهما لصاحبه فيه، كشركة العنان؛ فإنه يتضمن إذن أحدهما للآخر في البيع والشراء.


(١) أخرجه البخاري (٢١٦٨) ومسلم (٦/ ١٥٠٤).
(٢) سورة المائدة، الآية (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>