للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نجوز الغرر الكثير، لأن الغرر اليسير لا تخلو منه البياعات والأصول، ويمنع منها الكثير، فكلما قل الغرر؛ جاز، فعلى الوجه الذي نجيزه نحن في المفاوضة يكون الغرر أقل، وقد اتفقنا على جوازه، ولم نتفق على ما ذكروه.

وأيضا فإنهما اشتركا على أن يشارك كل واحد منهما صاحبه في ربح ماله الذي لم يخلطه بمال صاحبه، فوجب أن تجوز الشركة إذا اشتركا ببعض ما يملكه كل واحد منهما من الذهب والفضة، أو اشتركا بكل ما يملكه كل واحد منهما لكن مال أحدهما أكثر من الآخر، لأن عند أبي حنيفة أنه ليس تصح الشركة لتفاضل المالين، ولا ببعض ما لكل واحد منهما، فكان القياس على أصولهم يمنع مما جوزه.

فإن قيل: فأنتم تجوزون الشركة على هذا الوجه، وهو أن يتفاضلا في المال، وأن يشتركا ببعض ما يملكه كل واحد منهما، فكيف تقيسون عليه.

قيل: إنما أردنا أن نعلمكم أن المعنى الذي منعتم لأجله الشركة موجود فيما جوزتموه؛ ليسقط ما جوزتموه، وهذا مثل ما لديكم من تناقض أصولكم إن وجد فيها تناقض (١).

وعند أبي حنيفة أيضا أنه ليس من صحة الشركة جمع المالين، بل كل واحد منهما يتصرف في مال نفسه، وما يحصل له من الربح في ماله؛ يشاركه الآخر فيه، وقد عللنا لفساد هذا.


= إنما هو عن بيع الغرر لا عن الغرر، والشركة ليست بيعا، إلا أنه قد تفطن لذلك بما سيذكره في آخر الفقرة.
(١) استثناء ينبئ عن أدب جم، وخلق رفيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>