للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نماء المال واستحقاق الربح يرتفع بالعمل، فصار هو المقصود في المال، ومتى شرطاه في شركة الصنائع؛ فقد أوقعا العقد على المعنى المقصود بالعقد على المال، فوجب أن يثبت ذلك ويصح.

وأيضا فإن المضاربة تصح على مال وعمل وهما يختلفان، وفي مسألتنا يحصل العملان متفقين، فإذا جازت الشركة مع اختلافهما؛ فجوازها مع اتفاقهما أولى (١).

وأيضا فإن الشريكين في المال متى اشتريا بالمال؛ صار ما يشتريه كل واحد منهما نصف قيمته مضمونا مع صاحبه، فصار ذلك سببا لاستحقاقه الربح، فدل ذلك على اعتبار الضمان في استحقاق الربح، ويتحصل ذلك في مسألتنا.

فإن قيل: فقد قال : "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل" (٢).

قيل: إن العقد لا يسمى شرطا، وهذا عقد شركة، فإن أرادوا به ما تضمنه العقد من الشروط لقوله تعالى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ (٣)؛ فقد تناول هذا العقد وما تضمنه من الشروط، فصار في كتاب الله تعالى.

فإن قيل: فإنهما عقدا شركة على أن يشارك كل واحد منهما صاحبه في ما يستفاد بعمله، فوجب أن يكون فاسدا، أصله لو اشتركا على أن يكون ما


(١) "المعنى في المضاربة أن العمل فيها تبع للمال، وجهالة البيع لا تمنع من صحة العقد إذا كان الأصل معلوما، وليس كذلك شركة الأبدان؛ لأن العمل فيها هو الأصل المقصود، فبطلت بكونه مجهولا". الحاوي الكبير (٦/ ٤٨٠).
(٢) تقدم تخريجه (٦/ ١٩١).
(٣) سورة المائدة، الآية (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>