للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل لقولنا في جواز ذلك إجماع الصحابة؛ فروي أن عليا ابن أبي طالب وكل عقيلا عند أبي بكر الصديق أو عمر ، وقال: "هذا عقيل، فما قضي عليه؛ فعلي، وما قضي له؛ فلي" (١).

فوكله في الخصومات وغيرها لأنه قال: "ما قضي عليه فعلي، وما قضي له فلي"، والقضاء على الرجل وله إنما يكون بعد الخصومة، ثم لما كان في أيام عثمان ؛ نازعه طلحة في قفيز أخذ بها علي في أرضه، فوكل عبد الله بن جعفر، وقال علي: "إن الخصومة يتقحمها الشيطان، وإنى أكره أن أحضرها، فركب عثمان مع قوم إلى الموضع وأشرفوا عليه" (٢).

فوكل علي في الخصومة، وقبلها عبد الله بن جعفر، وأقرها عثمان ، فصار إجماعا منهم على جوازها (٣).

فإن قيل: فلعل عليا أراد أن يغيب فوكل من يخاصم عنه بعد ثلاثة أيام، وهذا عندنا جائز.

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أنه لم ينقل أنه غاب، وكان قليل الغيبة عن المدينة، وإنما


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٣٥١٩) عن جهم بن أبي الجهم قال: حدثني من سمع عبد الله بن جعفر يحدث أن عليا كان لا يحضر الخصومة، وكان يقول: "إن لها قحما يحضرها الشيطان، فجعل خصومته إلى عقيل، فلما كبر ورق؛ حولها إليّ، فكان علي يقول: ما قضي لوكيلي فلي، وما قضي على وكيلي فعلي" وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٣٤).
(٢) انظر ما قبله.
(٣) والجواب أن هذا يدل على جواز التوكيل، وكذلك نقول: وإنما للخصم أن يمتنع، ولم ينقل أن خصوم علي امتنعوا فألزموا خصومة وكيله، فلم يكن في التوكيل ومخاصمة خصومه باختيارهم دليل". التجريد (٦/ ٣٠٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>