والجواب الثاني: هو أن هذا يسقط التعليل الذي علله وقال: "إن الخصومة يتقحمها الشيطان وأنا أكره حضورها"، فأخبر أنه إنما وكل لما ذكره، ولو أراد الغيبة؛ لم يعلل هذا التعليل، وكان يقول: إني أريد أن أغيب.
ثم لو لم يذكر هذا، ولو كان عند عثمان ﵁ أن وكالة الحاضر لا تجوز؛ لكان يسأله فيقول: كيف توكل وأنت حاضر، أتريد الغيبة؟ حتى يزول الإشكال، فلما لم يسأله عثمان عن ذلك، ولا عبد الله بن جعفر، ولم يذكر هو أيضا ذلك؛ علم أن الأمر أيضا لا يختلف بالحضور والغيبة.
فإن قيل: فيجوز أن يكون وصى طلحة بتوكيله.
قيل: عنه جوابان:
أحدهما: أنه لم ينقل ذلك.
والثاني: أنه يسقط التعليل أيضا؛ لأن عليا علل فقال:"أوكل لأن الشيطان يتقحم الخصومة، وإنني أكره حضورها"، وهذا يقتضي أن التوكيل كان لأجل ذلك المعنى لا لمعنى غيره، ولو كان وكل لأن طلحة رضي بالتوكيل؛ لقال: وكلت لأن طلحة رضي بذلك.
وأيضا فإن كل من جاز له التوكيل مع الغيبة؛ جاز له مع الحضور، كالمريض.
وأيضا فإن كل من جاز له التوكيل مع رضى خصمه بالتوكيل؛ جاز له