للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذكرناه نحن من إجماع الصحابة على جواز التوكيل ليس فيه احتمال، وهذه الأخبار لا تنفي ما ذكرناه من الإجماع.

فإن قيل: فإن حضور المدعى عليه حق للمدعي، يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ (١).

فذم من أعرض عن الحكم ولم يجب من دعاه إليه، فعلم أن حضوره حق عليه لغيره، ولو لم يكن حضوره حقا مستحقا عليه؛ لم يذم على تركه (٢).

وأيضا فقد ثبت أن الحاكم يحضره ويعطله عن جميع أشغاله وتصرفه إذا استعدى عليه خصمه، ولو لم يكن حضوره حقا للمدعي؛ [لم يكن له] (٣) أن يقطعه عن ذلك بإحضاره، فثبت أن حضوره حق للمدعي، وإذا كان حقا للمدعي؛ لم يجز للمدعى عليه أن يسقطه ويقيم غيره مقامه، لأن من وجب له حق على رجل؛ لم يكن لمن عليه الحق أن ينقل حقه إلى من يقوم مقامه من غير رضاه.

قيل: قولكم: "إن حضور المدعى عليه حق للمدعي"؛ فإننا لا نسلم ذلك، وقد دللنا عليه.

وأما قوله تعالى: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ (٤)؛ فلا تعلق لكم بها؛ لأنه تعالى إنما ذم المعرض عن الحكم،


(١) سورة النور، الآية (٤٨).
(٢) انظر التجريد (٦/ ٣٠٦٧).
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) سورة النور، الآية (٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>