أحدهما: أنه قد يجحد فيحكي عنه الوكيل فيجب التمييز على الموكل، فإن حضر التمييز حينئذ وأقر؛ قبل إقراره، ولم تؤثر وكالة الوكيل في إسقاط الحق أو وجوبه شيئا.
والجواب الآخر: هو أنه كان يجب على أصولكم أن تجوزوا له أن يوكل؛ لأن إقرار الوكيل عليه يلزم عندكم كما يلزم إقراره وإنكاره كذلك.
وأما البراءة والاستيفاء؛ فقد يجوز أن يجعل إلى وكيله أن يبرئ عنه وأن يستوفي فيما كان جاز أن يجعله إلى الوكيل، كما يجوز في المريض والمسافر، لأن هذه معان لو جاز أن تمنع وكالة الحاضر؛ لمنعت من توكيل المريض والمسافر.
وجميع ما يذكرونه من المعاني التي تمنع وكالة الحاضر موجودة في الغائب والمريض؛ لأن الحاضر أيضا معذور في توكيله إذا كان أهل الإقرار ووجوه الناس يكرهون التبذل عند الحاكم، وعليهم في جاههم غضاضة؛ لأن من يراهم يتوهم هل هو ظالم أو مظلوم، ولعله أن يكون قصير الحجة، سواء كان مدعيا أو مدعى عليه، فلكل واحد منهما أن يوكل، حتى إذا تعينت اليمين عليه؛ لم ينب عنه غيره فيها، كما لا ينوب عن المريض والمسافر والله أعلم.
ويجوز أن نقول: إنه استعان من هو مثله، وليس بعدو للموكل عليه فيما تجوز فيه النيابة؛ فلا يفتقر إلى رضى الخصم؛ دليله إذا لم يكن [عدوا أو](١) وكيل في بيع وشراء. وبالله التوفيق