للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حنيفة: لا ينعزل عن الوكالة إلا أن يعلم بها (١).

وما ذكرناه في المسألة الأولى؛ يدل أيضا على صحة هذه المسألة، وهو أن كل من لم يكن رضاه [شرطا في رفع العقد؛ لم يكن حضوره] (٢) شرطا فيه، أصله الرجل يطلق زوجته؛ فإن الطلاق يقع وإن لم تعلم، كما يقع وإن لم ترض.

فإن قيل: فإن العزل نهي عن التصرف، والنواهي لا يتعلق بها حكم إلا بالسماع والتمكن منه، أصله نواهي صاحب الشريعة (٣).

وأيضا فإن العزل حكم يتعلق بالأصول، يتضمن إسقاط حق يثبت لغيره، فأشبه فسخ الشريعة في حق من غاب؛ لما تضمن إسقاط ما ثبت له؛ لم يجز ذلك إلا من الوجه الذي قلناه.

قيل: قولكم: "إن العزل نهي عن التصرف"؛ فإننا نقول: العزل هو ترك استنابته من جهة الموكل وليس بنهي، لأن النهي ها هنا على حسب الأمر، فلما كان الموكل إذا وكل لم يلزمه أمره؛ فكذلك لم يلزمه نهيه، فعلم أن إثبات الوكالة ونفيها ليس بأمر ولا بنهي، وإنما يتضمن في ثاني إباحة التصرف بعد ثبوت الوكالة، وحظر التصرف بعد العزل، فإن تصرف ولم يعلم بالعزل؛ فلا إثم عليه، كمن استباح في الشريعة ما قد حظر ونسخ ولم يعلم به؛ فلا إثم عليه.


(١) التجريد (٦/ ٣٠٧٦ - ٣٠٧٩) بدائع الصنائع (٧/ ٤٦٠ - ٤٦١) الهداية مع تكملة شرح فتح القدير (٨/ ١٤٣ - ١٤٥).
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والمثبت مما أحال عليه المصنف في المسألة السابقة.
(٣) انظر التجريد (٦/ ٣٠٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>