للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"بع"؛ إنما أذن له في البيع، ولم يعين له من يشتريه ولا من يقبل، فعلى أي وجه يحصل البيع؛ فقد باع وامتثل ما أمر به، وقد بينا أن الغرض والمقصود هو حصول الثمن، فلم يسلم لهم ما ذكروه؛ لأن [الوكيل] (١) [حصّل المقصود من] (٢) البيع، فسواء أوجبه على نفسه أو على غيره.

أما قوله لرجل: "قد بعتك عبدي" فيقول الآخر: "قد قبلت"؛ فإن هذا لم يصح؛ لأن البيع قد تعين على إنسان بعينه، فقبول غيره لا يثبت إلا بوكالة منه، وليس كذلك الموكل؛ لأنه قال له "بع"، ولم يقل له من إنسان بعينه، ألا تري أنه لو عين له فقال له: "بعه من فلان"؛ لم يصح له أن يبيعه من نفسه، فلم يلزم ما ذكروه، وبان الفرق.

فإن قيل: فإن الوكيل يتصرف بإذن الموكل وكله على ذلك، وأقامه مقام نفسه، وقد تقرر أن الموكل لا يبيع [الشيء من نفسه، فكذلك الموكل] (٣).

قيل: إن الموكل لا يصح أن يبيع الشيء من نفسه؛ لأن المبيع والثمن جميعا ملك له، فكيف يبيع ملكه بملكه، وإذا باع الوكيل من نفسه؛ حصل الثمن للموكل عوضا عن المبيع كما يحصل له من الأجنبي، ألا ترى أن الموكل يصح أن يبيع من الوكيل ومن أجنبي، ولا يصح أن يبيع من نفسه، فسقط ما ذكروه، وعلى أنه يسقط بالأب.

فإن قيل: فإن مقصود البائع هو طلب الزيادة والفضل في الثمن، وطلب


(١) في الأصل: الموكل، وهو خطأ.
(٢) كلمات لم أتبيها من الأصل، وما أثبته أقرب إلى رسمها وإلى السياق.
(٣) طمس بالأصل بمقدار نصف سطر، والمثبت من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>