للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري الاسترخاص واستنقاص الثمن، فلم يجز أن يكون الشخص الواحد بائعا مشتريا؛ لأنه لا يمكن أن يطلب الزيادة في الثمن، ويطلب نقصانه والغبن فيه، وإذا استحال أن يجتمع المعنيان في الشخص الواحد بائعا ومشتريا؛ [لم يجز أن يبيعه من نفسه] (١).

قيل: ليس يستحيل ذلك في الشخص الواحد إذا كان المبيع لغيره والشراء له؛ لأنه قد يطلب للبائع الذي هو غيره ما ذكرتموه، ويطلب لنفسه ما ذكرتموه.، فإذا عدل أو [جاء بالموكل] (٢)؛ حصل الغرض المطلوب للبائع، ألا ترى أن هذا موجود في الأب يشتري من مال ابنه لنفسه.

فإن قيل: فإن الأب لا يطلب الفضل لنفسه مع الابن، ولا يقصد مغابنته (٣).

قيل: إننا ننظر فيما عمله الوكيل، فإذا لم يحاب نفسه؛ حصل ما يطلبه البائع، وينبغي إذا زاد أيضا على غيره في القيمة أن يجوز، وأنتم لا تجوزونه مع حصول غرض المالك في البيع، فلم يلزم ما ذكرتموه.

وإذا اعتبرنا ما صنعه الوكيل فلم نجده متهما فيما فعله؛ صار في معنى الأب لزوال التهمة عنه في محاباة نفسه، ولا يلزمنا نحن الفرق بين الأب والوصي وبين الوكيل؛ لأن الأمر فيه واحد، وقد قدمنا الكلام على الجميع. والله الموفق.


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والسياق يقتضيه.
(٢) هكذا بالأصل.
(٣) لأنه مجبول بحنوة الأبوة وشدة الميل والمحبة على طلب الحظ لولده، والشح على نفسه في الجمع والاستكثار لولده، ولذلك قال النبي : "الولد مبخلة محزنة مجبنة"، فانتفت التهمة عنه في مبايعة نفسه، وهذا المعنى مفقود فيمن عداه، فصار هذا الحكم لاختصاصه بمعناه مقصورا عليه، منتفيا عمن سواه. الحاوي الكبير (٦/ ٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>