للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثله [ … ] (١) فكذلك الوكيل، بل الوكيل أولى بذلك؛ لأن الوصي آكد وأقوى تصرفا من الوكيل، بدليل أن الوصي لا يملك عزله وصرفه عن تصرفه، والوكيل يملك الموكل عزله عن الوكالة.

وأيضا فإن المحاباة تجري مجرى الهبة؛ بدليل أن المريض إذا باع وحابى في البيع؛ وقف مقدار المحاباة على الثلث، ولو وهب شيئا؛ لكان أيضا كذلك معتبرا من الثلث، ثم قد تقرر أن الوكيل إذا وهب شيئا من المبيع؛ لم يجز، وكان بيعه مردودا، وكذلك محاباته في البيع في بعض الثمن، ولا يدخل على هذا ما يتغابن الناس بمثله (٢)؛ لأنه مأذون له فيه، فهو كما لو أذن له أن يهب له منه جزءا.

ومما يدل على أنه لا يجوز له أن يبيعه إلى أجل؛ هو أنه لا خلاف أنه لو قال له "بعه نساء"؛ لم يجز، بخلاف لو قال له "بعه نقدا" (٣)؛ كان له ذلك، وإنما الخلاف فيه إذا أطلق ولم يذكر له نقدا ولا نساء، وقلنا نحن: يقتضي بيع النقد، وقال المخالف: لا يقتضي ذلك، فالذي يقطع الخلاف هو معرفة ما يقتضيه البيع المطلق في الشرع، وقد تقرر أن مطلق البيع الشرعي يقتضي [النقد] (٤)؛ بدليل أنه لو قال لرجل "بعتك هذا الشيء


(١) ممحو بمقدار ثلاث كلمات.
(٢) الاعتبار بالغبن عرف الناس في مثل المبيع، وليس له حد مقدر، وقال مالك: حد الغبن في البيوع الثلث فصاعدا لقوله : "الثلث والثلث كثير"، وقال أبو حنيفة: حد الغبن نصف العشر فصاعدا؛ لأنه أقل ما يجب في زكوات الزروع والثمار. الحاوي الكبير (٦/ ٥٤٠).
(٣) هكذا بالأصل، ولعل الصواب، لا خلاف أنه لو قال له "بعه نقدا" لم يجز، بخلاف لو قال له "بعه نساء" كان له ذلك.
(٤) في الأصل: التقدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>