للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا عندنا نحن إذا كان الإقرار لمن لا يتهم فيه، وأما إذا كان لوارث متهم فيه، مثل أن يقر لزوجته بدين، أو ليتيمه، أو لبعض ولده ممن يتهم في شأنه؛ فإن إقراره غير مقبول (١).

وعند أبي حنيفة لا يقبل إقراره لوارث أصلا، والشافعي في إقراره في المرض على قولين إذا كان لوارث (٢).

والدليل لقولنا في هذه المسألة (٣) هو أن كل إقرار لو ثبت في المرض بالبينة ساوى ما ثبت مثله في الصحة؛ جاز إذا ثبت في المرض بإقراره أن يساوي ما ثبت في حال الصحة بإقراره، أصل ذلك الإقرار بوارث.

ونقول أيضا: لا خلاف بيننا أن هذا المريض لو أقر بوارث؛ للزم إقراره، وورث هذا الوارث كما يرث المقر به في الصحة، كذلك يجب في الإقرار بمال قبله لاستوائهما مع ثبوت البينة.

ونقول أيضا: هو دين لزمه في حال مرضه؛ فوجب أن يساوي حكم الدين الذي لزمه في صحته، دليله إذا قامت به البينة في المرض، وجميع ما يذكرونه يفسد بالبينة.

وأيضا فإننا قد وجدناه في هذه الحال قد انتفت عنه جميع التهم، وهي حالة يتخوف الإنسان فيها، ويتخوف الورود على الله تعالى، فلم تبق حال


(١) قال القرافي: "وأصل المسألة أن المرض لا يؤثر في الإقرار عند الشافعي، ويؤثر عند أبي حنيفة، وعندنا يؤثر في محل تقوى فيه التهمة". الذخيرة (٩/ ٢٦٠).
(٢) سيناقش المصنف هذا الأمر في المسألة الآتية.
(٣) أي أن غريم الصحة وغريم المرض سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>