للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتهم فيها أنه قصد إبطال حق الغرماء، فلا فرق بين إقراره وبين قيام البينة عليه وإقراره في الصحة، بل إذا انتفت عدالتهم الظاهرة؛ فهو في المرض أولى أن يقوى إقراره.

فإن قيل: إن التصرف في حال الصحة أقوى وآكد منها في حال المرض، بدليل أنه يتصرف في الصحة بهبة جميع المال أو صدقته وينفذ ذلك، ولا ينفذ في حال مرضه، فإذا كان الإقرار في الصحة [أقوى] (١)؛ وجب أن يكون مقدما على الإقرار في المرض.

وأيضا فإن حقوق الغرماء تتعلق بعين المال بنفس المرض، وإذا أقر في مرضه بحق يثبت بعد تعلق حقوق [غرماء] (٢) الصحة بعين المال؛ فوجب أن يكون مؤخرا عن حقوقهم.

قيل: قولكم: "إن التصرف في حال الصحة آكد منه في حال المرض بدليل جواز هبة ماله"؛ عنه جوابان:

أحدهما: أننا لا نسلم أن التصرف في حال الصحة على الإطلاق آكد منه في المرض؛ لأن التصرف الذي هو آكد من حال المرض هو التصرف بالإتلاف من الهبة والصدقة، فأما التصرف بالإقرار إذا لم يظهر فيه تهمة؛ فهو في الصحة والمرض سواء، ليس أحدهما أقوى من الآخر؛ إذ لو كان في الصحة أقوى من المرض؛ لوجب أن لا يقبل الذي في المرض أصلا، كما نقوله نحن إذا أقر في مرضه لمن يتهم في بابه.


(١) طمس بالأصل، والمثبت من السياق.
(٢) في الأصل: غرمائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>