ويدل على صحة هذا إقراره بوارث لما كان تصرفا بإقرار لا تهمة في ظاهره؛ كان حكمه في الصحة والمرض سواء.
والجواب الآخر: هو أن ما ذكرتموه باطل بالبينة، وذلك أن التصرف في الصحة آكد منه في المرض، ومع هذا لا فرق بين البينة في الصحة وبينها في المرض.
وأما قولكم:"إن حقوق غرماء الصحة تتعلق بالعين بنفس المرض"؛ فإننا نقول: إن حقوقهم لا تتعلق بعين مالهم، وإنما تتعلق بأعيان التركة بعد الموت، ألا ترى أنه لو لم يكن عليه غرماء؛ لكان على الصفة التي تكون عليه فيها غرماء هبته وصدقته بجميع ماله لا ينفذ، ونقض عقد الهبة بجميع ماله لا يدل على تعلق حقوقهم بالعين، ألا تري أن المريض يهب ويتصدق ويستدين في مرضه، ثم يموت ولا يفي ماله بدين فتبطل هبته وصدقته، ثم لا يدل هذا على أن هذا الدين كان متعلقا بعين ماله حتى تصرف فيه بالهبة والصدقة.
[فإن قلتم: إن المفلس إذا حكم عليه بالفلس ثم أقر بدين؛ قدم غرماؤه](١) الذين كانوا قبل الحجر قد أقر لهم، كذلك إذا أقر المريض لم يشارك المقر له غرماء الصحة.
وأيضا فإنه متهم؛ لأن الإنسان قد يميل إلى بعض ورثته أكثر مما يميل إلى الآخرين، فتلحقه التهمة في هذا الإقرار في قصده إلى منع المال عن بعضهم.
(١) ما بين المعقوفين أكثره مطموس، وما أثبته من السياق، ومن جواب الاعتراض بعده.