وعلى أننا نحن أيضا نمنع الصحيح من إخراج ماله على غير معاوضة إذا كان عليه دين يستغرق ما في يديه، ولم يكن ذلك لأن حقوق الغرماء تتعلق بالأعيان.
وأما الراهن والمؤاجر؛ فإن الحق تعلق بالأعيان، وقد بينا أن حقوق الغرماء لا تتعلق بالأعيان إلا بعد الموت وخراب الذمة والفلس على وجه، ثم قد بينا أن إقراره بالدين في المرض قد يتعلق بالأعيان كما يتعلق بها دين الصحة، ألا تري أنه لو لم يكن عليه من الدين إلا ما أقر به في المرض؛ لصار الدين أحق بالتركة من الورثة كما لو انفرد دين الصحة.
وعلى أننا لو قلنا: إن الدين في الموت أيضا لا يتعلق بأعيان التركة؛ لكان صحيحا، لأن للورثة أن يقضوا الدين من أموالهم وتكون الأعيان لهم، ثم لو تلفت الأعيان؛ لم يسقط دينهم؛ لأنه لو طرأ للميت مال من وصية أو هبة؛ فقضينا منه الدين، لم يتعلق بأعيان التركة، إذ لو تعلق بها؛ لتلف بتلفه، ولم يكن للورثة أن يقضوا الدين من أموالهم ويأخذون أعيان التركة.
فإن قيل: إن حق الغرماء لا يتعلق بالمال في منع التصرف، وإنما يتعلق بما يوفيه المالك حقه على تمامه ووفائه، وتصرفه يؤدي إلى تسهيل هذا المعنى، فلم يؤد ذلك إلى إبطال حقه، وتعلق الحقوق بالمال على ضربين:
منه ما يتعلق بالمال على وجه منع المالك من التصرف فيه مثل حق المرتد.