للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما من الآخر، فوجب إذا لم يقبل قوله في الحق الذي له؛ أن لا يقبل في الحق الذي عليه، أصله إذا قال: "بعت هذه الدار من زيد بألف درهم"، وأنكر زيد الشراء، فإنه أقر لزيد بحق وهو كون الدار له بالشراء، وادعى في مقابلة الدار حقا هو الثمن، فلما لم يثبت له الثمن؛ لم يثبت عليه استحقاق المثمن.

كذلك قوله: "هذا أخي" إقرار للمقر له بحق، أي أنه يشاركني فيما في يدي؛ لأننا أخوان ورثنا جميعا من أبينا، وادعى لنفسه في مقابلته حقا هو إذا مات هذا المقر له ورثه المقر؛ لأنه إذا ثبتت الأخوة؛ فمحال أن يرث أحدهما من أبيه ولا يرث الآخر، مع استواء حرمتهما وسلامة الحال، ومحال أن لا يرث كل واحد منهما صاحبه، فهو لا محالة إقرار بحق عليه وبحق له، فالحق الذي عليه هو أن المال الذي في يده يشاركه فيه المقر له، والحق الذي له هو أن هذا المقر له إذا مات ورثه، (١٨٢) ولا ينفك أحدهما عن الآخر؛ لأنه لا يجوز أن يرثا جميعا من أبيهما ثم لا يرث كل واحد من صاحبه مع سلامة الحال، ثم لا خلاف أن حقه لم يثبت؛ لأنه لو مات المقر له لم يرثه المقر بالإجماع، فوجب أن لا يثبت الحق الذي عليه، وفي البيع لا ينفك الثمن من المثمن أيضا، والثمن حق له، والمثمن حق للمشتري (١).

قيل: أما قولكم: "إن المقر أقر بحق في مقابلته حق له"؛ غلط؛ لأن المقر اعترف أن هذا المقر له ورث من أبيه، وهذا لا يفيد أن الميت يرث منه، ولا يصح ذلك فيه، فإن كان المراد بقولكم "في مقابلته حق" هذا


(١) انظر الحاوي الكبير (٧/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>