بخلاف قوله "علي مال"، فإذا اقتضت الصفة زيادة على موضع عدمها؛ رجع في ذلك إلى أقل تقدير في الشرع بما لا خلاف فيه، وهو أول نصاب الزكاة.
ويبين ذلك أن قول القائل "رجل طويل" فيه زيادة صفة على إطلاق اسم رجل في الأصل، ألا ترى أنه لا يجب أن يسمى كل رجل بأنه طويل والآخر قصير، فقولهم "رجل طويل" يقتضي زيادة صفة لا محالة، فكذلك المال إذا دخل عليه وصف بأنه عظيم؛ اختص بنوع من الأموال دون غيره مما ليس بعظيم، لأن قولهم "عظيم" موضوع لإفادة الكثرة والزيادة، فيقال: مال عظيم، ومال كثير، فيفيد ما لا يفيده قولهم "مال"، والاسم إذا وضع لمعنى؛ لم يجز إبطال معناه وإخراجه عن موضوعه حتى يصير كونه وعدمه بمنزلة واحدة.
وأيضا فإن القليل من المال لا يسمى عظيما في الإطلاق، ولا يفيد عند أحد من الأغنياء ولا الفقير، ألا ترى أن أحدا من الناس لا يطلق على الحبة أنها مال عظيم، ولا بأنها مال، فكيف بقوله عظيم، ومن أقر بشيء؛ لم يكن بد من أن يعبر عنه بما يقتضيه الاسم، إما من جهة اللغة، أو من الشريعة، أو من العادة، وقد وجدناه مقيدا في الشريعة وفي العادة أيضا، وإن كان النادر من الناس لا يسميه عظيما.
ويبين ذلك أن من أقر بدراهم؛ لم يصدق في قوله: أردت درهما واحدا، وإن كانت له أخر كثيرة بخروج استعمال الناس فيه مطلقا ومقيدا، وإن كان قد يجوز أن يقول له قائل:"أنت تحب الدراهم"، وليس معه إلا درهم واحد.