للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: مذهبكم أنه لا يقتضي شيئا مقدرا، وإنما يرجع فيه إليه.

ومذهب من يخالفكم أنه يقتضي مقدرا محدودا.

فإذا ثبت فساد مذهبكم في الرجوع إلى قوله؛ صح قول مخالفكم.

والدليل على فساد ما ذهبتم إليه؛ عرف الناس وعادتهم بأجمعهم في أنه إذا قيل: مات فلان وخلف مالا عظيما، أو قتل وأخذ له مال عظيم؛ لم يَفهم منه أحد يعقل أنه خلف حبة، أو أُخذ منه هذا القدر، فإذا لم يكن هذا في اللسان ولا في العرف؛ سقط قولكم، وصح مذهب من يرجع فيه إلى القدر في الشرع، كما لو قال: الله علي صوم أو صلاة؛ رجع في ذلك إلى ما يقتضيه الشرع.

وأيضا فإن [أبا حنيفة] (١) قد قدر المال العظيم بمائتي درهم لما روي أن عبد الرحمن بن عوف مر برجل يحلف عند المقام فقال: "أعلى دم أو على عظيم من المال"، إذ خشي أن يتهاون الناس بهذا المكان يعني أن يستخفوا به.

فجعل [أبو حنيفة] (٢) القدر الذي يحلف به عند المقام مائتي درهم أو عشرين دينارا، [و] (٣) لا يحلف عنده على أقل منه، هذا مع يسار عبد الرحمن وكثرة ماله، وأن مثله لا يستكثر مائتي درهم.

وأيضا فإن ما ذهب إليه الشافعي يتناقض، وذلك [أنه لم يجعل] (٤)


(١) في الأصل: الشافعي، وهو خطأ؛ لأنه لا يقول بذلك كما تقدم في بداية المسألة.
(٢) في الأصل: الشافعي.
(٣) في الأصل: أو.
(٤) غير ظاهرة بالأصل، والمثبت من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>