للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الشروط إذا اجتمعت في الراوي سموه حافظا (١).

ومن تتبع كتاب ابن القصار هذا، ومصادر ترجمته علم أن ابن القصار لم يكن له كثير رواية للحديث، وقد تقدم عن أبي ذر الهروي وهو من تلاميذ ابن القصار وصفه له بقوله: "وكان ثقة قليل الحديث"، وقد نقله عنه الشيرازي والخطيب وغيرهما، وأبو ذر أعرف بشيخه من هؤلاء المتأخرين، وهو من أهل الصنعة الحديثية الذين لا يخفى عليهم مثل هذا، على أنني لم أجد له أيضًا من الرواية إلا ما تقدم ذكره عن مشيخة ابن الغريق (٢).

والظاهر أن من وصفه بالحافظ لا يقصد المعنى الاصطلاحي، وإنما يقصدون الحافظ للعلم، الضابط لمسائله، وابن القصار كذلك، وكتابه هذا شاهد على كثرة حفظه للأحاديث واستحضار متونها، بل وأسانيدها في كثير من الأحيان، والله أعلم.

* * *


(١) النكت على ابن الصلاح (١/ ٢٦٨) وانظر للاستزادة توجيه العناية لتعريف علم الحديث رواية ودراية لعبد الله بن الصديق الغماري، وأمراء المؤمنين في الحديث ص (١٢٦ - ١٣٦) لعبد الفتاح أبي غدة.
(٢) قد يحتمل قوله "قليل الحديث" أن يكون المقصود به أنه قليل الكلام، ويكون بذلك مدحا فيه، فهو قليل الكلام فيما لا ينفع، وحينئذ لا يدل هذا على قلة رواية للحديث، لكن سياق الكلام يأبى ذلك، إذ الظاهر منها أنها سيقت لبيان مرتبة ابن القصار من العدالة، ولم تجر عادة العلماء بالتعديل بهذا. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>