للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ (١).

فدل على أن المتفق (٢) من عنده، [لما اتفق بالصيغة والنظم] (٣) وكما أثبت بالصيغة والنظر أن المختلف ليس من عنده (٤)، فلو جاز وجود مختلف من عنده لم يكن عدم الاختلاف في القرآن دليلًا على أنه من عنده، ولو جاز أيضًا وجود متفق لا من عنده لم نأمن أن يكون القرآن متفقًا لا من عنده، وفي استدعاء المخاطبين إلى التدبر لهذه (٥) الآية دليل على أن المتفق لا يوجد إلا من جهته، وأن المختلف لا يوجد منه.

فإن قيل: على هذا فإن الاختلاف في القرآن موجود؛ لأننا نجد [فيه] (٦) الخاص والعام، والناسخ والمنسوخ، والخاص الذي أريد به


(١) سورة النساء، الآية (٨٢).
وقال الجصاص: "الاختلاف على ثلاثة أوجه: اختلاف تناقض بأن يدعو أحد الشيئين إلى فساد الآخر، واختلاف تفاوت، وهو أن يكون بعضه بليغًا وبعضه مرذولًا ساقطًا، وهذان الضربان من الاختلاف منفيان عن القرآن، وهو إحدى دلالات إعجازه، لأن كلام سائر الفصحاء والبلغاء إذا طال مثل السور الطوال من القرآن لا يخلو من أن يختلف اختلاف التفاوت. والثالث: اختلاف التلاؤم، وهو أن يكون الجميع متلائمًا في الحسن، كاختلاف وجوه القراءات ومقادير الآيات، واختلاف الأحكام في الناسخ والمنسوخ، فقد تضمنت الآية الحض على الاستدلال بالقرآن لما فيه من وجوه الدلالات على الحق الذي يلزم اعتقاده والعمل به". أحكام القرآن (٢/ ٢٦٩).
(٢) في (س): المتفقين.
(٣) مثبت من (ص).
(٤) العبارة في طبعة السليماني فيها اضطراب هنا.
(٥) في (ص): بهذه.
(٦) زيادة من (ص) و (خ).

<<  <  ج: ص:  >  >>