قال ابن القيم: "وحرف المسألة أن أعمال الجوارح إنما تكون عبادة بالنية، والوضوء عبادة في نفسه، مقصود مرتب عليه الثواب، وعلى تركه العقاب، وكما يجب في العبادات إفراد المعبود تعالى عن غيره بالنية والقصد، فيكون وحده المقصود المراد، فكما أنه يجب في العبادات إفراد المعبود تعالى بها لا سواه؛ فكذلك يجب فيها تمييز العبادة عن العادة، ولا يقع التمييز بين النوعين مع اتحاد صورة العملين إلا بالنية، فعمل لا يصحبه إرادة المعبود غير مقبول، ولا يعتد به، وكذلك عمل لا تصحبه إرادة التعبد له والتقرب إليه غير مقبول ولا معتد به، بل نية التقرب والتعبد جزء من نية الإخلاص، ولا قوام لنية الإخلاص للمعبود إلا بنية التعبد، فإذا كانت نية الإخلاص شرطًا في صحة أداء كل العبادة؛ فاشتراط نية التعبد أولى وأحرى، ولا جواب عن هذا البتة إلا بإنكار أن يكون الوضوء عبادة". بدائع الفوائد (٣/ ٦٨٦).