للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كذلك يستوي الأمران فيها، وهذا وإن كان قياس الضد فربما استدل به شيوخنا، ورجحوا به القياس، وهم أيضًا يقولون به.

دليل: وهو أنهم يقولون: إن الرجل إذا تطهر بغير نية حصل طاهرًا ولم يصر الماء مستعملًا (١)، وإذا تطهر ونوى حصل طاهرًا، وحصل الماء مستعملًا (٢)، فدل هذا من مذهبهم على أنه إذا لم يكن ينوي فإن الطهارة لم تحصل له، إذ لو حصلت لصار الماء مستعملًا.

فإن استدلوا بالظاهر من قوله تعالى ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (٣)، ولم يذكر النية فقد جعلنا ذلك دليلًا؛ لأنه لو لم يغسل للصلاة (٤).

وجواب آخر: وهو أننا نقول: إن ظاهر الآية يوجب غسل الأربعة الأعضاء، ولا نختلف في إيجابها، وإنما كلامنا في أمر آخر وهو النية.

جواب ثالث: لو سلمنا أن في الآية تعلقًا لهم لخصصناها بما تقدم ذكره.


(١) سيأتي الكلام عن الماء المستعمل (٢/ ٥١٤).
(٢) نقل المحقق ههنا كلام الكاساني في البدائع (١/ ٦٩) وهو يفيد أن سبب صيررة الماء مستعملًا عندهم أحد أمرين: إما إزالة الحدث، أو إقامة القربة، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وأما محمد فلا يصير عنده مستعملًا إلا بإقامة القربة.
قلت: ونقله أيضًا ابن الهمام في فتح القدير (١/ ٩٤ - ٩٥)، ثم استدرك قائلًا: "تتبع الروايات يفيد أن صيرورة الماء مستعملًا بأحد أمور ثلاثة: رفع الحدث تقربًا أو غير تقرب، والتقرب سواء كان معه رفع حدث أو لا، وسقوط الفرض عن العضو".
(٣) سورة المائدة، الآية (٦).
(٤) الجواب غير مذكور، ولعله سقط من قبل الناسخ، وتقديره: لم يفعل المأمور به، كما سبق للمصنف نفسه (٢/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>