للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى أننا قيدنا الاعتلال فقلنا: كل بدل لعدم، والصوم يعمل مع عدم النكاح ومع وجوده، ومع هذا فلا يصح - عندنا - النكاح إلا بقصد، ولو كان يصح بغير قصد لصح من المجنون والصبي والمبرسَم (١)، ولو علمنا أنه وقت العقد كان ساهيًا لم يصح عقده.

قياس آخر: اتفقنا على أن الصلاة لا تصح بغير نية، والمعنى في ذلك: أنها عبادة على الأبدان يفسد أولها بفساد آخرها، وكذلك الطهارة (٢).

وإن شئت قلت: إنها عبادة يسقط شطرها للعذر، وهو يوجد في الطهارة؛ لأن شطرها يسقط في التيمم عند عدم الماء (٣)، كما أن الصلاة يسقط شطرها في السفر.

قياس آخر: وهو أننا قد اتفقنا في الصيام أنه لا يجوز بغير نية؛ لأنه عبادة على البدن يفسد أوله بفساد آخره (٤).

استدلال: وجدنا إزالة الأنجاس تزول بشيئين: أحدهما: الماء، والآخر: الأحجار، ثم قد استوى حكم الأمرين في سقوط النية، وهي طهارة، فوجب أن تكون الطهارة الأخرى يستوي حكم الأمرين فيهما، فلما اتفقنا على أن الطهارة بالتراب من شرطها النية وجب أن تكون الطهارة بالماء


(١) المبرسم بضم الميم وفتح الموحدة وسكون الراء وفتح السين المهملة، أي من به داء في رأسه أثقل دماغه، وستر عقله. منح الجليل (٩/ ١٩٠).
(٢) رده الجصاص بأن الصلاة مأمور بها لنفسها، والطهارة مأمور بها لغيرها. انظر أحكام القرآن (٢/ ٤٢١).
(٣) إذ الواجب في الوضوء غسل الأربعة أعضاء، وفي التيمم عضوان.
(٤) لم يذكر الفرع المقيس، وهو واضح من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>