للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الوديعة التي ضعف أمرها في باب النية (١).

ودليل من القياس: اتفقنا في الرقبة في الكفارة أنها لا تصح إلا بنية، والمعنى في ذلك: أنها عبادة لا يصح بدلها عند عدمها إلا بنيته، فلم يصح مبدلها إلا بنية، وهذا المعنى موجود في الطهارة؛ لأن التيمم بدل منها، ولا يصح إلا بنية، فكذلك مبدله وهو الوضوء.

فإن قيل: هذا ينتقض بالنكاح، قد جعل النبي بدله الصيام، فقال: ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم له وجاء" (٢).

ثم الصوم لا يصح إلا بنية، ولم يدل على أن النكاح يحتاج إلى نية.

قيل: إن الصوم ليس ببدل من النكاح؛ لأن النكاح لمعنى، والصوم لمعنى (٣).


= ٦٠٨): "تعيين النية واجب، ولو نوى التطوع ولم يعين الفرض، أو نوى الصوم فحسب، ولم يعين النية لرمضان؛ لم يجزه، سواء كان حاضرًا أو مسافرًا. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: صوم رمضان لا يفتقر إلى تعيين النية، إن كان حاضرًا فنوى النفل أو النذر أو الكفارة أو أطلق؛ كانت نيته عن رمضان، وأجزأه، وإن كان مسافرًا فنوى عن رمضان أو عن النفل؛ أجزأه، وكان عن رمضان، وإن نوى النذر أو الكفارة؛ يكون عن النذر والكفارة، ولا يكون عن رمضان. وقال أبو يوسف ومحمد: يكون عن رمضان، فسويا بين الحضر والسفر".
(١) مراده أن رد الوديعة لا يحتاج إلى نية؛ لأنه معقول المعنى.
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٥) ومسلم (١٤٠٠/ ١).
وقال أبو عبيد: "قال أبو زيد وغيره: الوجاء يقال للفحل إذا رُضَّت أنثياه: قد وجئ وجاء فهو موجوء، وقد وجأته، فإن نزعت الأنثيان نزعًا؛ فهو خصي، وقد خصيته خصاء، فإن شدت الأنثيان شدًّا حتى تندرا قيل: قد عصبته عصبًا فهو معصوب. فقوله: "له وجاء" يعني أنه يقطعه النكاح؛ لأن الموجوء لا يضرِب". غريب الحديث (٤/ ١٦ - ١٧) وانظر أيضًا النهاية (٩٥٨ - ٩٥٩)
(٣) ولكنهما يجتمعان في كبح جماح الشهوة وإضعافها، وهو المقصود من الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>