للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن أراد أن الذي يوجب هذا غير ما يوجب هذا فقد يوجب الحيض عند انقطاعه الغسل وتوجبه الجنابة، وليس هذا هذا، وصفة الغسل فيهما واحدة؛ لأن الحيض له أحكام ليست للجنابة، فينبغي أن لا يجزئ إلا بنية تميز بين الغسل الذي أوجبه الحيض، والغسل الذي أوجبته الجنابة.

والجواب عن قولهم: "إن الماء طهور، والتراب ليس بطهور في نفسه"، وهذا أيضًا ذكره الرازي (١).

فنقول: كلاهما طهور في نفسه، قال الله - تعالى - في الماء: ﴿طَهُورًا﴾ (٢).

وقال الرسول : "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" (٣).

على أن هذا يوجب العكس؛ لأن الماء لما كان طهورًا يستعمل في أشياء مختلفة احتاج إلى النية، ولما كان الصعيد لا ينتقل إليه إلا عند عدم الماء فحاله حال واحدة، فشابه - عندكم - رمضان بمستحق العين (٤)، وشابه


(١) انظر أحكام القرآن له (٢/ ٤٢١) وقد أجاب ابن القيم عن ذلك قائلًا: "إن أردتم بكونه مطهرًا بطبعه أنه منظف لمحل التطهير؛ فمسلم، ولكن نزاعنا في أمر وراءه، وإن أردتم أن يفتتح به الصلاة ويرفع المانع الذي جعله الشارع صادًّا عن الدخول فيها بطبعه، من غير اعتبار نية؛ فدعوى مجردة لا يمكنهم تصحيحها البتة، بل هي بمثابة قول القائل: استعماله عبادة بمجرد طبعه، فحصول التعبد والثواب به لا يحتاج إلى نية، وهذا بيّن البطلان، وهذا حرف المسألة، وهو أن التعبد به مقصود، وهو متوقف على النية، والمقدمتان معلومتان مغنيتان عن تقرير". بدائع الفوائد (٣/ ٦٨٤).
(٢) سورة الفرقان، الآية (٤٨).
(٣) أخرجه البخاري (٣٣٥) ومسلم (٥٢١/ ٣).
(٤) يشير بهذا إلى مسألة خلافية في تعيين النية في الصوم، وهي من المسائل التي أفردها المصنف بالكلام، لكن كتاب الصوم لم يعثر عليه إلى الآن، قال في عيون المجالس (٢/ ٦٠٦ - =

<<  <  ج: ص:  >  >>