للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ينقلب عليهم؛ لأنهم يصلون به صلوات كثيرة.

على أن هذا يدل على صحة قولنا؛ لأن الوضوء لما كان يعمل أعمالًا كثيرة احتيج فيه إلى النية أكثر مما يحتاج إليه في التيمم.

وعلى أن افتراقهما من هذه الوجوه لا يمنع من اجتماعهما في الموضع الذي جمعتهما العلة فيه.

والجواب عن قولهم: "إن التيمم لا يجوز - عندنا - قبل الوقت" (١) فكذلك هو على أصولنا، ولكنه يؤكد أمر الوضوء؛ لأنه لما جاز أن يفعل قبل وجوبه كان إلى النية أحوج من التيمم الذي لا يجوز عمله إلا عند وجوبه.

والجواب عن قولهم: "إن النية تدخل لتميز بين الأعمال المتفقة" فهذا سؤال ذكره أبو بكر الرازي (٢)، وهو عمدة لنا؛ لأن الوضوء لما كان يقع لتبرد وتنظف وتجديد طهارة، ويقع لرفع حدث احتاج إلى النية؛ لأن الصورة واحدة في جميع ذلك، والأحكام مختلفة، ولما كان التيمم يدخل لاستباحة الصلاة صار كالشيء الواحد المستحق، فلم يحتج إلى نية.

ثم دعواه أن التيمم يختلف لأجل الجنابة فليس كذلك؛ لأن صفته للجنابة كصفته للحدث (٣)، وإنما يختلف ذلك في الماء، فيكون الوضوء من الحدث، والغسل من الجنابة (٤).


(١) ستأتي هذه المسألة في كتاب التيمم.
(٢) في أحكام القرآن له (٢/ ٤٢٢ - ٤٢٣).
(٣) الاحتمال الثاني الذي ذكره المصنف هو الأقرب إلى تفسير كلام الرازي من الاحتمال الأول.
(٤) انظر المجموع (٢/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>