للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: لو توضأ لنافلة لجاز أن يصلي به فريضة، فلو كانت النية واجبة لم يجزئه ذلك، ألا ترى أنه لما كانت النية واجبة في الصلاة فلو نوى أن يصلي نافلة لم يجزئ ذلك عن الفرض، وهكذا لو نوى بالتيمم صلاة نافلة لم يجز أن يصلي به الفرض، فبطل أن تكون النية واجبة في الطهارة.

قيل: مرادنا بالطهارة رفع الحدث، فلما كانت النافلة لا تصح إلا برفع الحدث لم يكن فرق بين أن ينوي برفعه نافلة أو فريضة (١).

ثم هذا غير منكر في الأصول، ألا ترى أنه لو طاف ينوي تطوعًا وعليه فرض من الطواف فإنه ينوب عنه، ولم يدل على أن الطواف في الحج لا يحتاج إلى نية، والتيمم إنما لم يصح أن ينوي به صلاة نافلة ويصلي به فريضة؛ لأنه لا يرفع الحدث، ولا يصلي به إلا صلاة واحدة فريضة (٢)، وليس كذلك الوضوء.

وفرق آخر: وهو أنه لو توضأ ثم رأى الماء لم ينتقض وضوؤه، ولو تيمم ثم رأى الماء لانتقض تيممه (٣).

فإن قيل: وجدنا العبادة فرضت على الرجل في نفسه، فلما اتفقنا على أنه لا يجب عليه أن يتولى ذلك بنفسه، بل يجوز أن يوضئه ويغسله غيره


(١) قال خليل في التوضيح (١/ ١٠٢): "من نوى ما لا يصح إلا بطهارة كالصلاة ومس المصحف والطواف؛ فيجوز له أن يفعل بذلك الطهر غيره، ومن نوى شيئًا لا تشترط فيه الطهارة كالنوم وقراءة القرآن طاهرًا، وتعليم العلم؛ فلا يجوز له أن يفعل بذلك الوضوء غيره على المشهور، وقيل: يستبيح؛ لأنه نوى أن يكون على أكمل الحالات بنية مستلزمة لرفع الحدث عنه". وانظر أيضًا المنتقى (١/ ٣٠٥ - ٣٠٦) والأوسط (١/ ١٣).
(٢) سيتكلم المصنف عن هاتين المسألتين بالتفصيل في كتاب التيمم.
(٣) سيناقش المصنف هذه المسألة في كتاب التيمم.

<<  <  ج: ص:  >  >>