للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه أربعة مذاهب.

والدليل لقولنا إنهما سنتان في الوضوء والجنابة استصحاب الحال (١)، وأن الوجوب يحتاج إلى شرع.

وأيضًا قوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (٢) الآية.

وحقيقة الوجه ما واجه الناظر (٣)، وداخل الفم والأنف لا يواجه به.

فإن قيل: يقع عليه اسم وجه، بدلالة أنه لو حصل الماء في فمه لما أفطر به، ولو كان فيه نجاسة لوجب غسله كالوجه.

قيل: كلامنا في اسم، وقد سلم.

على أن هذا لو كان صحيحًا لوجب غسل داخل العينين؛ لأنهما لو حصل فيهما نجاسة لوجب غسلهما، ولا يفطر بحصول ما يقع فيهما من الماء.

فإن قيل: فإنا لا نوجب غسل العينين من النجاسة؛ لأنهما جسم صقيل (٤) لا يقبل النجاسة (٥).

وعلى أن من اعتبر قدر الدرهم من أصحاب أبي حنيفة لا يلزمه هذا؛ لأن العين تكون مقدار الدرهم وأقل (٦).


(١) وقد تقدم الحديث عن حجيته في المقدمة من الأصول (١/ ٣٦٣).
(٢) سورة المائدة، الآية (٦).
(٣) انظر القاموس (٤/ ٣٣٥).
(٤) الصقل الجلاء، صقل الشيء يصقله صقلًا وصقالًا، فهو مصقول وصقيل: جلاه. انظر اللسان (صقل).
(٥) انظر المجموع (٢/ ٣٨٧).
(٦) سيأتي الكلام على القدر الواجب إزالته من النجاسة في مسألة مستقلة (٢/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>