للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: أما قولكم: "إنها لا تقبل النجاسة" فهذا خلاف المشاهدة، فلو جاز أن يقال: إنها جسم صقيل لا ينجس جاز أن يقال: إن الزجاج والصُّفْر (١)، والعاج (٢)، وما أشبهه من الأواني لا ينجس، وكذلك السيف؛ لأنه صقيل.

فإن قيل: فإن الدموع تغسله.

قيل: لا تصح إزالة ذلك إلا بالماء المطلق.

على أننا نقول: أليس قد نجست وغسلتها الدموع، ولم يدل على أنها تغسل مع الوجه، وهذا أيضًا يوجب سقوط سؤالهم؛ لأن الفم يجري فيه الريق أكثر من الدموع.

وما يقوله أصحاب أبي حنيفة من أن العين مقدار الدرهم، فقد يكون من العيون ما هو أكبر من الدرهم.

وعلى أنه لو أصاب خدَّه شيء من النجاسة، واتصل بعينه، حتى يصير بنجاسة عينه أكثر من الدرهم لوجب غسله، وجعلنا لنجاسة الغير حكمًا، ومع ذلك فلم يدل على أنها في حكم المغسول.

دليل: قول النبي : "وإنما لامرئ ما نوى" (٣).

وهذا الذي توضأ ولم يتمضمض ويستنشق قد نوى الطهارة، فله ما نواه.


(١) الصفر بضم الصاد، وقيل بكسرها: نحاس يعمل منه الأواني. الصحاح (صفر).
(٢) والعاج: أنياب الفيلة، وقيل عظمها. اللسان (عوج).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>