للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم لو قال: "بعض رؤوسكم إلا اليسير منه" لكان إطلاق البعض عمومًا فيه؛ لأنه ذو أجزاء، وليس بعضه بأولى من بعض، فكذلك لما أضاف المسح إلى الرأس - وهو ذو أبعاض وأجزاء - لم يكن بعضه أولى بالمسح من بعض، ثم لو قال: إلا الهامة (١)، أو النُّقْرة (٢)، أو جمعهما في الاستثناء لصح، فدل ذلك على أنه ينبغي أن يستوفي حكم العموم فيه، كما لو نص على البعض لوجبت هذه البعضية فيه.

فإن قيل: فإن دخول الحرف الزائد فيه لا بد له من فائدة، وإلا كان دخوله وخروجه بمنزلة واحدة، ونحن إذا جعلنا الباء للتبعيض جعلنا لها فائدة، وأنتم تجعلون دخولها لسقوطها (٣).

قيل له: لعمري (٤) إن استعمالها على فائدة أولى، وإن كانت تدخل في


(١) الهامة: بتخفيف الميم: الرأس، وقيل: ما بين حافتي الرأس، وقيل: وسط الرأس، وقيل: أعلى الرأس، ومنه الناصية والقصة، وهما ما أقبل من الجبهة من شعر الرأس. اللسان (هوم).
(٢) النقرة: حفرة صغيرة في الأرض، منه نقرة القفا. الصحاح (نقر).
(٣) انظر أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٢٨ - ٤٢٩).
(٤) فائدة: قال القرطبي: "والعَمر والعُمر - بضم العين وفتحها - لغتان، ومعناهما واحد، إلا أنه لا يستعمل في القسم إلا بالفتح لكثرة الاستعمال، وتقول: عمَّرك الله، أي أسأل الله تعميرك .. وكره كثير من العلماء أن يقول الإنسان "لعمري"، لأن معناه: وحياتي، قال إبراهيم النخعي: يكره للرجل أن يقول: لعمري؛ لأنه حلف بحياة نفسه، وذلك من كلام ضعفة الرجال، ونحو هذا قال مالك: إن المستضعفين من الرجال والمؤنثين يقسمون بحياتك وعيشك، وليس من كلام أهل الذكران، وإن كان الله سبحانه أقسم به في هذه القصة، فذلك بيان لشرف المنزلة والرفعة لمكانه، فلا يحمل عليه سواه، ولا يستعمل في غيره، وقال ابن حبيب: ينبغي أن يصرف "لعمرك" في الكلام لهذه الآية، وقال قتادة: هو من كلام العرب، قال ابن العربي: وبه أقول، لكن الشرع قد قطعه في الاستعمال، ورد القسم إليه". الجامع (٩/ ٤٠٠ - ٤٠١) وانظر أيضًا أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>