للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مواضع زوائد كقولهم: دخلت البيت، وإلى البيت، وشكرتك وشكرت لك، ونصحتك ونصحت لك، غير أننا نجعل لها فائدة صحيحة، وهي التأكيد (١)، ومعنى التأكيد: أنه قد كان يجوز أن يظن ظان أن المسح لما كان أخف من الغسل أنه يجوز الاقتصار في مسحه على البعض، فقيل: وإن كان المسح أخف من الغسل فلا بد من استيفاء المسح في جميعه، كما قال تعالى: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾ (٢)، وهذه فائدة صحيحة، ولا ينبغي أن تقترح علينا كل فائدة (٣).

فإن قيل: فإن الله تعالى لما قال: ﴿وَامْسَحُوا﴾ كان هذا عمومًا في المسح، فأي مسح أوقعه جاز، قليلًا كان أو كثيرًا.

قيل: لو تجرد ذكر المسح من غير أن يلصق بشيء لكان كما تقولون، فأما إذا ألصقه بشيء وجب أن يستوفي المسح في ذلك الشيء إلا أن تقوم دلالة، كما [لو] (٤) قال: اشتر حاجة بدرهم، أو اخدمني بدرهم لوجب أن يستوفي الدرهم، وإن كان لو تجرد قوله: اخدمني لوقعت الخدمة على القليل


(١) أجيب عنه بأن الزيادة على خلاف الأصل، فلا يقال بها ما وجد عنها مندوحة، وقد وجدناها بأن تكون للتبعيض. أفاده الشاطبي في المقاصد الشافية (٣/ ٦٣٨).
(٢) سورة المؤمنون، الآية (٢٠).
(٣) "وقيل: إنها هاهنا للاستعانة، وأن في الكلام حذفًا وقلبًا؛ فإن "مسح" يتعدى إلى المزال عنه بنفسه، وإلى المزيل بالباء، فالأصل: امسحوا رؤوسكم بالماء، ونظيره بين الكتاب:
كنواح ريش حمامة نجدية … ومسحت باللثتين عصف الإثمد
يقول: إن لثاتك تضرب إلى سمرة، فكأنك مسحتها بمسحوق الإثمد، فقلب معمولي المسح". أفاده ابن هشام في المغني (١/ ١٤٤ - ١٤٥) ونحوه لابن العربي في أحكام القرآن (٢/ ٦٤ - ٦٥)
(٤) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>