للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكذلك في الرأس، فيجب استيفاؤه.

فإن رجحوا قياسهم على الخف بأنهم ردوا مسحًا بالماء إلى مسح بالماء رجحنا نحن بأنه عضو مباشر بالمسح، فرده إلى الوجه المباشر في التيمم بالمسح أولى، ورد عزيمة إلى عزيمة أولى.

فإن زادوا في الكلام في الباء وأنها للتبعيض بأن يقولوا: إن الباء في كلام العرب تدخل بمعنيين، تارة للإلصاق، وتارة للتبعيض، فالفعل إذا لم يتعد إلى مفعوله إلا بحرف الباء كانت الباء للإلصاق، كقولهم: مررت بزيد، لما لم يجز أن يقال: مررت زيدًا كان دخول الباء لإلصاق الفعل بالمفعول.

وإذا تعدى الفعل للمفعول من غير حرف الباء كان دخول الباء للتبعيض، فلما تعدى هاهنا من غير دخول الباء؛ لأنه لو قال: "وامسحوا رؤوسكم" صح علم أن الباء دخلت للتبعيض، وحمله على الإلصاق حمل على ما لا يفيد.

قيل: هذا الذي ذكرتموه دعوى على العرب، وقد حكينا عنهم ما قالوه في موضوعها، فلو وردت في موضع للتبعيض خرجت عن موضوعها بدلالة، ولو أكد بقوله تعالى: "وامسحوا برؤوسكم كلها" لصح، ولو استثنى بقوله: "إلا الهامة" لصح، فإذا صح دخول الاستثناء والتأكيد فيه مع دخول الباء، كما حسن معه سقوطها علم أنها لم تدخل للتبعيض، [وإذا حسن التأكيد والاستثناء مع دخولها كما يحسن مع سقوطها علم أنها لم تدخل للتبعيض] (١)، وهذا مما يدل على أن وجوبها كسقوطها، مثل قوله: دخلت البيت وإلى البيت، وكقوله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ (٢).


(١) هكذا بالأصل، والظاهر أن ما بين المعقوفتين زائد.
(٢) سورة الإسراء، الآية (٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>