للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب الآخر: هو أن المسح الواجب في الأصول قد فارق موضع الوجوب في الغسل، ألا ترى أن المسح في التيمم لم يسن فيه التكرار وإن كان قد سن في غسله بالماء.

وأما الذكر في الصلاة فقد اختلف المسنون منه والمفروض، فقراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة منها، وقراءة السورة في ركعتين من الظهر والعصر، والمغرب وعشاء الآخرة، فإن أردتم أن يكون في الطهارة شيء مسنون في المسح فالسنة في مسح الرأس مرة واحدة لخفة المسح من الغسل، وبالله التوفيق (١).


(١) مجمل الأدلة التي استدل بها الشافعية ثلاثة أنواع: الأول: الأحاديث المصرحة بأن النبي مسح برأسه ثلاثًا، والثاني: الأحاديث التي ورد فيها أن النبي توضأ ثلاثًا ثلاثًا، والثالث: القياس، وهو أنه لما كان مسح الرأس أصل في الطهارة فسن تكراره فيه كالوجه.
فأما الأحاديث المصرحة أن النبي مسح برأسه ثلاثًا؛ فهي عمدة الباب، وهي أقوى ما يمكن أن يستدل به هنا، إلا أنها لا تخلو من مقال، وقد قدمت لك كلام ابن الملقن في تحسينها بمجموع الطرق، ومن رأى أنها لا ترتقي إلى ذلك؛ قال بنفي استحباب التثليث، ومن حسنها - كالشافعية - ذهب إليه.
وأما الأحاديث التي ورد فيها أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، مجملة، والأحاديث التي ورد فيها إفراد مسح الرأس مع تثليث باقي الأعضاء مفسرة، والمفسر يقضي على المجمل.
وأما القياس فهو منتقض بالتيمم؛ فإنه إذا تعين؛ صار مسح الوجه فيه أصلًا، وهو في الجملة يقوم مقام غسل الوجه، وإنما ورد مسح الوجه مرة واحدة، فكذلك ينبغي أن يكون المسح للرأس مرة واحدة. والله أعلم، وانظر المغني (١/ ١٥٨ - ١٦١) وفقه الممسوحات (٩١ - ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>