للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظاهرهما وباطنهما" (١).

وهذا يفيد مسحًا واحدًا، فلو كان أخذ لهما ماء جديدًا لقال: مسحين، أو كان يفرد أحدهما عن الآخر كإفراده سائر الأعضاء.

وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله سأله رجل: كيف الطهور؟ فدعا بماء فغسل كفيه، وغسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا، ثم مسح برأسه، فأدخل أصبعيه السبابتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثًا، ثم قال: "هذا الوضوء، فمن زاد أو نقص فقد أساء وظلم" (٢).


(١) أخرجه أبو داود (١٢١) وأحمد (٤/ ١٣٢) من حديث المقدام بن معد يكرب، وحسن إسناده ابن حجر والنووي والشوكاني كما في صحيح أبي داود، وانظر نصب الراية (١/ ١٢).
(٢) أخرجه أبو داود (١٣٥) والنسائي (١٤٠) وابن ماجه (٤٢٢) وأحمد (٢/ ١٨٠) وصححه ابن حجر في التلخيص (١/ ٨٣) وقال: "تنبيه: يجوز أن يكون الإساءة والظلم وغيرهما مما ذكر مجموعًا لمن نقص ولمن زاد، ويجوز أن يكون على التوزيع، فالإساء في النقص، والظلم في الزيادة، وهذا أشبه بالقواعد، والأول أشبه بظاهر السياق".
وقال النووي: "اختلف أصحابنا في معنى قوله : "أساء وظلم" على ثلاثة أقوال: أحدها: أن الإساءة في النقص، والظلم في الزيادة، فإن الظلم مجاوزة الحد ووضع الشيء في غير موضعه، وهذا يدل له صريحًا رواية أبي عبيد. الثاني: عكسه؛ لأن الظلم يستعمل بمعنى النقص كقوله تعالى: ﴿آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾. الثالث: أساء وظلم في النقص، وأساء وظلم في الزيادة. واختاره ابن الصلاح؛ لأنه ظاهر الكلام، ويدل عليه رواية الأكثرين: "فمن زاد فقد أساء وظلم" ولم يذكروا النقص .. إلى أن قال: المشهور في كتب الفقه وشروح الحديث وغيرها لأصحابنا وغيرهم أن قوله : "فمن زاد أو نقص" معناه: زاد على الثلاث أو نقص منها، ولم يذكر أصحابنا وغيرهم - مع كثرة كتبهم وحكاياتهم والوجوه الغريبة والمذاهب المشهورة والمهجورة الراجحة والمرجوحة - غير هذا المعنى، وقال البيهقي في كتابه السنن الكبير: ويحتمل أن المراد بالنقص نقص العضو، يعني: لم يستوعبه. وهذا تأويل =

<<  <  ج: ص:  >  >>