للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الشافعي (١): الترتيب مستحق (٢).

والدليل لقولنا قوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ (٣).

فجمع بين الأعضاء بالواو التي موضوعها للاشتراك والجمع، كقوله: جاءني زيد وعمرو، وليس عندهم فيه دلالة على أن أحدهم جاء قبل صاحبه، وقد ذكر سيبويه (٤) أن موضوع الواو للجمع لا للترتيب (٥).


(١) وبه قال أحمد كما في المغني (١/ ١٧٣ - ١٧٦) وانتصر له ابن حزم في المحلى (١/ ٣١٠ - ٣١٢).
(٢) انظر الأم (١/ ٦٥) الأوسط (٢/ ٧٠ - ٧٤) الخلافيات (١/ ٤٩٠ - ٤٩٥) المجموع (١/ ٤٧٦ - ٤٨٥).
(٣) سورة المائدة، الآية (٦).
(٤) في الكتاب (٤/ ٢١٦).
(٥) دلالة الواو على عدم الترتيب حكى عليه السيرافي الاتفاق بين البصريين والكوفيين، لكن رده ابن هشام فقال: "وقول السيرافي مردود، بل قال بإفادتها إياه قطرب والربعي والفراء، وثعلب، وأبو عمرو الزاهد، وهشام، والشافعي، ونقل الإمام في البرهان عن بعض الحنفية أنها للمعية". مغني اللبيب (٢/ ٤٧٩ - ٤٨٠)، وقد دلت على عدم الترتيب بالاستقراء كما قال الشاطبي في المقاصد (٥/ ٧٧)، وقد أدرك هذا المحققون من أصحاب الشافعي فردوا هذا الاستدلال من أصحابهم، ولذلك قال النووي: "وذكر أصحابنا من الآية دليلين آخرين ضعيفين لا فائدة في ذكرهما إلا التنبيه على ضعفهما؛ لئلا يعول عليهما: أحدهما: أن الواو للترتيب، ونقلوه على الفراء وثعلب، وزعم الماوردي أنه قول أكثر أصحابنا، واستشهدوا عليه بأشياء وكلها ضعيفة الدلالة، وكذلك القول بأن الواو للترتيب ضعيف. قال إمام الحرمين في كتابه الأساليب: صار علماؤنا إلى أن الواو للترتيب، وتكلفوا نقل ذلك عن بعض أئمة العربية، واستشهدوا بأمثلة فاسدة، قال: والذي نقطع به أنها لا تقتضي ترتيبًا، ومن ادعاه فهو مكابر، فلو اقتضت؛ لما صح قولهم: تقاتل زيد وعمرو، كما لا يصح: تقاتل زيد ثم عمرو. وهذا الذي قاله إمام الحرمين هو الصواب المعروف لأهل العربية وغيرهم". =

<<  <  ج: ص:  >  >>