للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد نبه الشرع أيضًا على ذلك، فروي أن النبي سمع رجلًا يقول: ما شاء الله وشئت فقال له: "أمثلان؟! قل: ما شاء الله ثم شئت" (١).

فنهاه أن يجمع بين مشيئة الله - تعالى - وبين مشيئته، فلو كانت الواو للترتيب لم يمنعه من ذلك؛ لأنها تكون بمنزلة الفاء وثم.

فإن قيل: فإن الآية حجة لنا؛ لأن الله - تعالى - قال: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (٢)، فأمر بغسل الوجه عقيب القيام إلى الصلاة؛ لأن الفاء في لغة العرب للتعقيب بلا خلاف (٣)، فإذا ثبت أن غسل الوجه عقيب القيام إلى الصلاة واجب ثبت قولنا؛ لأن من قال: الترتيب لا يجب في الوضوء قال: لا يلزمه غسل الوجه عند القيام، وإن غسل رجليه عند القيام إلى الصلاة فقد امتثل الأمر (٤).


= المجموع (٢/ ٤٨٠) وانتصر له القدوري في التجريد (١/ ١٣٦ - ١٣٩) وانظر أيضًا الجنى الداني (١٥٨ - ١٦٠) والمغني لابن هشام (٢/ ٤٧٩ - ٤٨٠).
(١) أخرجه أحمد (١/ ٢١٤) والبيهقي (١/ ٣٠٧) من حديث ابن عباس بلفظ: "جاء رجل إلى رسول الله فكلمه في بعض الأمر، فقال الرجل لرسول الله : ما شاء الله وشئت، فقال رسول الله : أجعلتني والله عِدلا، بل ما شاء الله وحده".
وأخرجه ابن ماجه (٢١١٧) بلفظ: "إذا حلف أحدكم فلا يقل: ما شاء الله وشئت، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم شئت".
وله شاهد من حديث حذيفة أخرجه ابن ماجه (٢١١٨) وأحمد (٥/ ٣٨٤)، ومن حديث الطفيل بن سخبرة أخرجه أحمد (٥/ ٧٢).
(٢) سورة المائدة، الآية (٦).
(٣) بل فيه خلاف. انظر الجنى الداني (٦١ - ٦٣).
(٤) ذكر هذا الدليل بعض الشافعية، ورده الإمام النووي منهم فقال: "وهذا استدلال باطل، وكأن قائله حصل له ذهول واشتباه فاخترعه وتوبع عليه تقليدًا. ووجه بطلانه أن الفاء وإن اقتضت =

<<  <  ج: ص:  >  >>