للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم بغسل اليدين، وترك الرأس - الذي هو أقرب إلى الوجه - علم أنه لم يتركه إلا لأن البداءة باليدين مستحق قبل الرأس (١).

قيل: لما بدأ الله - تعالى - بالوجه الذي لا يسقط في التيمم عطف عليه اليدين؛ لأنهما لا يسقطان في التيمم، ثم أتى بالمسح في الرأس، وعطف عليه غسل الرجلين؛ لأنهما يسقطان في التيمم.

ويجوز أيضًا أن يكون تعالى جمع ما في أعلى البدن في اللفظ، ثم أخر الرجلين لأنهما من أسفل البدن.

على أن الواو إذا كانت للجمع لا للترتيب فبأي الأعضاء بدأ في الذكر جاز، وهذا يلزمهم؛ لأنه تعالى لو أراد الترتيب لبدأ بالأقرب فالأقرب، فلما بدأ بالوجه وترك الرأس الذي هو أقرب إليه علم أنه لم يرد الترتيب.

فإن قيل: إن الرجل إذا قال لامرأته التي لم يدخل بها: أنت طالق وطالق وقعت الأولى، ولم تقع الثانية، فلو كانت الواو للجمع للزمه تطليقتان، كما لو قال: أنت طالق تطليقتين.

قيل: تقع عليه تطليقتان عندنا، وإنما يلزم هذا أصحاب أبي حنيفة (٢).


(١) انظر المجموع (٢/ ٤٧٩ - ٤٨٠).
(٢) قلنا: الطلاق إذا تلفظ به إنما يقع على ما بعده، وإذ كان له ما بين فيه الشرط والاستثناء، وبعض التطليقات لا تؤثر في بعض، فلم تقف الأولى على التلفظ بالثانية، فسبقت بالوقوع، فلما تلفظ بالثانية وهي أجنبية؛ فقد جمعها مع الأولى بعد البينونة، فلا يقع، ولأنا لا نقول: الواو للمقاربة، وإنما يجمع الثاني في حكم الأول، والطلاق يقع في زمان، وزمان الأولى غير زمان الثانية، فتحصل الثانية مع البينونة فلا يقع، والأمر بغسل الأعضاء لا يحتاج إلى زمان مرتب، فاجتمع بعضه مع بعض في الحكم. التجريد (١/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>