للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

توضأ ورتب (١)، فكان هذا منه بيانًا للمراد بالآية.

وقد يستدلون بهذا الخبر مفردًا فيقولون: إن النبي توضأ ورتب، وقال: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" (٢)، فكان هذا منه بيانًا للمراد بالآية، وأيضًا فإن أفعاله على الوجوب (٣).

وأنا أتكلم على الجميع فالجواب أن نقول: إن النبي قد رتب تارة، وترك الترتيب تارة أخرى.

فروى ابن عباس أن النبي توضأ فغسل وجهه وذراعيه، ثم رجليه، ثم مسح برأسه (٤).

فليس لكم أن تجعلوا ترتيبه بيانًا للآية إلا ولنا أن نجعل تركه الترتيب بيانًا لها، وأن المراد بالواو الجمع، وإذا تساوى ذلك قلنا: إنما رتب استحبابًا، وترك الترتيب ليعلمنا الجواز (٥).


(١) تقدم ذكر هذا عن مجموعة من الصحابة.
(٢) تقدم ذكر هذا الحديث (٢/ ٤٨) وبيان أنه ضعيف بمرة، وهو مع ذلك ليس فيه إلا ذكر الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وقد أشار المحقق أيضًا إلى هذا، إلا أني وجدت الحديث أخرجه ابن السكن عن أنس قال: "دعا رسول الله بوضوء فغسل وجهه مرة مرة، ويديه مرة، ورجليه مرة مرة، وقال: هذا وضوء لا يقبل الله منه غيره .. الحديث. أشار إليه ابن الملقن في البدر المنير (٢/ ١٤٠).
(٣) انظر ما تقدم في المقدمة من الأصول في الفقه (١/ ٢٨٣).
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ١٣٢).
(٥) الجواب من وجهين: أحدهما: أن الأمر للوجوب على المختار، وهو مذهب جمهور الفقهاء. والثاني: أن مذهب العرب إذا ذكرت أشياء وعطفت بعضها على بعض تبتدئ الأقرب فالأقرب، لا يخالف ذلك إلا لمقصود، فلما بدأ سبحانه بالوجه، ثم اليدين، ثم الرأس، =

<<  <  ج: ص:  >  >>