للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد روي عن عثمان أنه توضأ وعكس بملأ من أصحاب النبي ، وقال: "أهكذا رأيتم رسول الله توضأ؟. فقالوا: نعم" (١).

فشهدوا له بذلك، فيجب استعمال الأخبار كلها، وأن لا يسقط بعضها، ويحصل معنا زيادة حكم، وهو جواز التعكيس الذي تمنعون عنه.

وقوله: "هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به" (٢)، في خبرنا كما هو في خبرهم، فعلمنا أنه قصد بالوضوء ما تحصل فيه الوضاءة، وهو الغسل لا الترتيب ولا تركه، هذا إن صح الحديث هكذا، وإنما الصحيح أنه توضأ مرة


= ثم الرجلين؛ دل على الأمر بالترتيب، وإلا لقال: فاغسلوا وجوهكم وامسحوا برؤوسكم، واغسلوا أيديكم وأرجلكم. المجموع (٢/ ٤٧٩ - ٤٨٠) وأجاب عنه القدوري في التجريد (١/ ١٤١) فانظره.
(١) ذكره الجصاص في أحكام القرآن (٢/ ٤٥٣)، ولم أجده مسندًا، وفي معناه حديث ابن عباس المتقدم.
وجاء في تمام المنة ص (٨٨) تعقيبًا على قوله الشيخ سيد سابق: "فلم ينقل عنه أنه توضأ إلا مرتبًا". قلت - الألباني -: تبع المؤلف في هذا ابنَ القيم حيث صرح به في زاد المعاد (١/ ١٨٧)، وقد تعقبته في التعليقات الجياد لما أخرجه أحمد ومن طريقه أبو داود عن المقدام بن معدي يكرب قال: أتي رسول الله بوضوء فتوضأ، فغسل كفيه ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وغسل رجليه ثلاثًا"، وسنده صحيح، وقال الشوكاني: "إسناده صالح"، وقد أخرجه الضياء في المختارة، وهو يدل على عدم وجوب الترتيب، وأزيد هنا فأقول: إن النووي والحافظ ابن حجر حسنا إسناده".
قلت: والحديث كما ذكره في المسند (٤/ ١٣٢) ولكنه في سنن أبي داود (١٢١) على غير هذا الترتيب؛ إذ فيه الوضوء على ترتيب الآية، فهو وإن كان سنده حسنًا؛ لكن لفظه اختلف فيه، واللفظ عند أبي داود موافق للروايات المستفيضة عن عبد الله بن زيد وعثمان وعلي وغيرهم، فهو أولى. والله أعلم.
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>