للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روي هذا الحديث ابن الجهم في كتابه عن مجاهد عن ابن عباس.

وإذا كان هذا إجماع الصحابة مع روايتهم أن النبي ترك الترتيب دل على أن ترتيبه حيث رتب على وجه استحباب، وأنه أحب أن يطابق لفظ الآية، وتركه للترتيب حيث ترك يدل على الجواز.

فإن ذكروا آيات في كتاب الله تدل على الترتيب ذكرنا الآيات التي يجوز فيها ترك الترتيب، مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ (١) وأنه لو قدم المساكين على الفقراء جاز.

على أن الواو إذا وقعت للترتيب فإنما تصير إليه بدلالة، وإلا ففي الظاهر أن موضوعها للجمع على ما بيناه.

فإن قيل: فقد روى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: أن النبي طاف وخرج من المسجد وبدأ بالصفا وقال: "ابدؤوا بما بدأ الله به" (٢).


= ما ذكر عن ابن عباس من أن الواو تفيد الترتيب.
ثالثًا: أن المؤلف ذكر أن الراوي عن ابن عباس مجاهد، وقد تبين من التخريج السابق لأثر ابن مسعود أن مجاهدًا هو الذي رواه عن ابن مسعود، ومجاهد كما تقدم لم يدرك ابن مسعود، فلعل المؤلف اطلع على بعض الكتب، فوجد الأثر منسوبًا إلى عبد الله فقط، دون ذكر اسمه فظن أنه ابن عباس لمعرفته أن مجاهدًا لم يدرك ابن مسعود، ولأن مجاهدًا مشهور بالرواية عن ابن عباس . والذي أزال الإشكال لدينا هو تصريح ابن المنذر بأنه ابن مسعود والله أعلم". اهـ كلامه ص (١/ ٢٣٤ - ٢٣٥).
قلت: وهذه الأوجه الثلاثة المذكورة كلها تصب في شيء واحد، وهو أن ابن عباس ليس ممن يقول بذلك، وقد أشار ابن حزم في المحلى (١/ ٣١١) أن ابن عباس أيضًا ممن يقول بذلك، وذكر معه عليًّا وابن مسعود. والله أعلم.
(١) سورة التوبة، الآية (٦٠).
(٢) رواه بلفظ المصنف الدارقطني (٢/ ٢٥٤) والبيهقي (١/ ١٣٧ - ١٣٨) وابن حزم في المحلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>