للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الصفا، وإذا خرج الخبر مقرونًا بسبب حمل عليه، ولم يحمل على عمومه، هذا مذهب مالك (١).

ثم لو ثبت العموم فيه لحملناه عليه إلا أن تقوم دلالة، وقد ذكرنا في الوضوء دلائل تجوز ترك الترتيب فيه، والبداءة بغير ما بدئ به في اللفظ.

وأيضًا من جهة القياس قد اتفقنا على أنه لو قدم غسل اليسار على اليمين في الوضوء أجزأه (٢)، بعلة أنها طهارة تبيح الصلاة، فجاز تقدمة بعض الأعضاء فيها على بعض.

وأيضًا فقد اتفقنا على الطهارة من الحيض والجنابة، وأن الترتيب لا يجب فيها، والعلة في ذلك أنها طهارة تنتقض بالحدث، وكذلك الوضوء.

فإن قيل: قياسكم على تقدمة اليسار على اليمين غير صحيح؛ لأن اليدين في حكم اليد الواحدة، وكذلك الرجلان؛ بدليل أنه لو لبس خفيه على طهارة، ومسح عليهما جاز أن يصلي، ولو نزع أحد خفيه انتقض الطهر في قدميه، ويصير كأنه نزع خفيه جميعًا، ولا يجوز أن يمسح عليه، كما لو تطهر في الابتداء، ولبس أحد خفيه لم يجز أن يمسح عليه (٣)، فإذا كانا في حكم العضو الواحد لم يعتبر فيه الترتيب، وليس كذلك الأعضاء في الطهارة؛ لأن


(١) انظر ما تقدم في المقدمة من الأصول في الفقه (١/ ٣٠٧).
(٢) قال ابن المنذر: "وقد أجمع أهل العلم أن من بدأ باليسرى على اليمني أنه لا إعادة عليه". الأوسط (٢/ ٧٤) وكذا نقل الإجماع ابن قدامة في المغني (١/ ١٧٥) وابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٣٧١).
(٣) وسيأتي لذلك مزيد بيان في مسائل التيمم حيث أفرد المصنف هذه المسألة بالمناقشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>