للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حكم كل عضو منفرد عن الآخر، فوجب أن يرتب (١).

وأما القياس على غسل الحيض والجنابة فلا يصح؛ لأن الغسل لا يتبعض، فجميع البدن في الجنابة كالعضو الذي لا يتبعض، وليس كذلك الوضوء؛ لأنه ذو أركان يتبعض، فكل عضو فيه كالغسل من الجنابة، وليس في الغسل موضع ترتيب (٢).

قيل: أما قولكم: "إن اليدين في حكم العضو الواحد، وكذلك الرجلان" فغلط؛ لأن الوضوء لا يصح بغسل أحدهما دون الآخر، كما لا يصح بغسل عضو دون الآخر مع القدرة.

فأما المسح على الخفين فإنما هو رخصة، جوز على صفة هي أن تكون الرجلان مستورتين في الخفين بعد طهارة كاملة، ولم يرخص له أن يمسح على واحدة ويغسل الأخرى؛ لأن الرجلين عضو واحد، ألا ترى أن الرخصة لم تدخل في اليدين بالمسح، وقد رأينا النبي رتب فيهما فبدأ باليمين على الشمال، كما بدأ بغسل الوجه عليهما.

وأما الغسل من الحيض والجنابة فقد رتب النبي فيه، فغسل يديه، ثم غسل ما به من الأذى، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم خلل أصول شعره بالماء، ثم أفاض على جسده (٣)، وهذا كله ترتيب كما رتب في الوضوء، ولو ترك عضوًا من جسده لم يغسله لم تتم طهارته، كما لو ترك عضوًا من أعضاء


(١) وكذلك فإن الله تعالى رتب الأعضاء الأربعة، وأطلق الأيدي والأرجل، ولو وجب ترتيبهما؛ لقال: وأيمانكم. المجموع (٢/ ٤٨٢).
(٢) انظر المجموع (٢/ ٤٨١).
(٣) تقدم هذا من حديث عائشة وميمونة .

<<  <  ج: ص:  >  >>