للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يجب غسل المرفقين (١).

قال: لأن الله - تعالى - قال: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ (٢)، فأمر بغسلهما إلى المرفقين، وجعلهما حدًّا، والحد لا يدخل في المحدود، كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (٣)، فجعل الليل حدًّا للصوم، ثم لا يدخل شيء من الليل فيه، وكما يقال: دار فلان تنتهي إلى دار فلان، فتكون دار فلان حدًّا لها، ولا تدخل فيها، وكذلك هاهنا.

والدليل لقولنا قوله تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾، وأن الله - تعالى - لما أراد منا استيفاء الغسل إلى هذا الحد، وعلم أنه لا يمكن تكلف إخراج المرفقين عنه لمقاربته، وأنه لا فصل بينهما أوجب غسل المرفقين، كما أنه لما لم يكن بين النهار والليل فصل وجب إدخال جزء من الليل في حكم الصيام بقوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (٤).


= والطبري. انظر التمهيد (٢/ ٣٧١) وبداية المجتهد (١/ ٣٦٦) والتوضيح (١/ ١١١).
(١) والسبب في اختلافهم في ذلك؛ الاشتراك الذي في حرف "إلى"، وفي اسم "اليد" في كلام العرب، وذلك أن حرف "إلى" مرة يدل في كلام العرب على الغاية، ومرة يكون بمعنى "مع"، واليد أيضًا في كلام العرب تطلق على ثلاثة معان: على الكف فقط، وعلى الكف والذراع، وعلى الكف والذراع والعضد فمن جعل "إلى" بمعنى "مع" أو فهم من اليد مجموع الثلاثة الأعضاء؛ أوجب دخولها في الغسل، ومن فهم من "إلى" الغاية، ومن اليد ما دون المرفق، ولم يكن الحد عنده داخلًا في المحدود؛ لم يدخلهما في الغسل. بداية المجتهد (١/ ٣٦٦). قلت: وقد مر مع المصنف أنه قال: إن اليد عند الإطلاق تنصرف إلى الكف.
(٢) سورة المائدة، الآية (٦).
(٣) سورة البقرة، الآية (١٨٧).
(٤) سورة البقرة، الآية (١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>