للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكذلك لما لم يكن بين الليل والفجر فصل وجب أن يدخل جزء من الليل في ابتداء الصيام في باب النية والإمساك، حتى يحصلا مقدمين على الصوم الذي يجب من طلوع الفجر؛ لأنه لو تكلف ابتداء الإمساك حين يطلع الفجر لشق ولم يمكن، فكذلك في المرفقين مع الذراعين.

فإن قيل: فينبغي أن يكون الواجب إدخال جزء منه لا جميعه، كما ذكرت في الليل والنهار.

قيل: المرفق نفسه كالجزء من الليل؛ لأن الليل ممتد، وليس كذلك المرفق، فتكلف إدخال بعض المرفق دون بعض يشق ولا يمكن، وإذا لم يمكن استيفاء الذراع إلا بجزء من المرفق، ويشق تمييز ذلك الجزء منه لقلته في نفسه صار جميعه في حكم الجزء من الليل.

وقد حكي عن المبرد أنه قال: لغة العرب أن الحد إذا كان من جنس المحدود دخل الحد في المحدود، كقولهم: بعتك هذا الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف الآخر، دخل الطرف الآخر في البيع وإن كان قد جعله حدًّا لأنه من جنس الثوب، وإن كان الحد من غير جنس المحدود لم يدخل في المحدود، كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ (١)، لما لم يكن الليل من جنس النهار لم يدخل فيه، كذلك أيضًا دخل المرفق فيه؛ لأنه من جنس المحدود.

قال القاضي أبو الحسن: وعندي أن "إلى" إذا كانت في موضعها حقيقة للغاية فلا فصل بين الجنسين وغيره إذا لم يمكن الفصل بينهما عند انتهاء


(١) سورة البقرة، الآية (١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>