للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فإنه تفريق طهارة، فوجب أن لا يمنع صحة الطهارة، أصله التفريق اليسير.

ولأن الحدود طهارة وكفارة (١)، وقال النبي : "الحدود كفارات لأهلها" (٢).

ثم يصح تفريق الحد؛ لأنه لو جلد عشرين سوطًا بالغداة وعشرين بالعشي جاز.

فنقول: هو تفريق تطهير، فوجب أن لا يمنع صحته، أصله الحدود.

أو نقول: كل ما لا يمنع منه التفريق اليسير لا يمنع منه التفريق الكثير، أصله الحج، وعكسه الصلاة؛ لأنه لو وقف بعرفة وطاف يوم النحر أجزأه، وهذا تفريق يسير، ولو وقف وطاف بعد شهر أجزأه أيضًا.

وكذلك لو طاف خمسة أشواط ثم طاف شوطين في وقت آخر أجزأه.

قيل: أما قياسكم على التفريق اليسير فغلط؛ لأن الأصول قد جوزت


(١) وحكى الصنعاني عليه الإجماع. انظر سبل السلام (٣/ ٢٩).
(٢) أخرج البزار (٨٥٤١) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا؟ " قال في المجمع (٦/ ٢٩٣): "رواه البزار بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، غير أحمد بن منصور الرمادي وهو ثقة".
قلت: وصححه الحافظ في الفتح (١/ ١٤٥ - ١٤٦).
وقد ورد معنى ما ذكره المصنف في أحاديث كثيرة منها ما أخرجه البخاري (١٨) ومسلم (١٧٠٩/ ٤١) من حديث عبادة بن الصامت وفيه: "ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب في الدنيا؛ فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره الله؛ فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه". وانظر سنن الدارقطني (٣/ ٢١٤ - ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>